I - من الدلالات إلى الإشكالية :
1 – الدلالة المتداولة في الدلالة المعجمية :ثم الاعتقاد في التمثل المشترك بأن اللغة هي الكلام وهي بمثابة حقيبة كلمات وألفاظ بتداولها أفراد مجتمع معين كوسيلة للمعرفة وتعبيرا عن التواصل . وبهذا المعنى فهي تحمل دلالات ومعاني جاهزة لمعرفة واقع يتصور هو الأخر بأنه ثابت في جوهرة.وهذا الارتباط بين اللغة والكلام تتضمنه أيضا الدلالة المعجمية كلمة لغة المشتقة في اللغة واللغو إلا أن لسان العرب لابن منظور يحددها كالتالي : " اللغة أصوات يعبر فيها قوم عن أغراضهم " أما المعاجم الفرنسية Robert مثلا فإن كلمة Langage مشتقة في lingria اللاتينية التي تعني الكلام واللسان. وتدل كلمة logos الاغريفية عن الكلام والفكر والعقل .غير أن الواقع يكشف عن آليات أخرى للتواصل غير الكلام والكلمات وذلك بالحركات والإشارات كما هو الحال عند الصم والبكم وبالإيبلءات الجسدية كما يتم أيضا في العلامات والرموز التي تحمل معان ودلالات مختلفة يستجاب لها بكيفية مناسبة ( علامات وأضواء المرور....)ونلاحظ أيضا بأن التواصل اللغوي يختلف من مجتمع لأخر لا رتباطه يا لانتماء الثقافي والحضاري لأفراده فنجد مثلا لغات عديدة عربية فرنسية إنجليزية .... عكس الإيماءات الجسدية والعلامات والرموز التي تتخد طابع الكونية .ونستنتج ما تعدد المظاهر للكلمات وللتمثل القبلي الجاهز : الكلمات مطابقة للأشياء وللأفكار والمشاعر مادام هناك أسماء عديدة لشيء واحد مثلا كتاب كما لا يبدو بديهيا الفكر المتعدد الألسن واحدا أم متعددا ولا ما إذا كان الكلام واللسان واللغة إيضا شيئا واحدا أم متعيدا .وهذا ما يدفعنا إلى تحديد مفهوم اللغة بدقة وشمولية .2 – الدلالة الفلسفية :يميز لا يدقي معجبة الفلسفي بين معنيبين اللغة معنى خاص و معنى عام فاللغة بالمعنى الخاص هي وظيفة التعبير الكلامي عن الفكر داخليا و خارجيا أما اللغة بالمعنى العام هي كل نسق من العلامات يمكن ان يتخذ للتواصل .و يوضح لا ندان اللغة بالمعنى الخاص تتقابل مع الكلام باعتبار الكلام نوع من اللغة وليس كل اللغة و تتقابل اللغة هنا مع اللسان باعتبار اللغة وظيفة مشتركة بين البشر و اللسان نسق من العلامات الصوتية خاص بمجتمع معين خارج إرادة الأفراد و يفرض نفسه عليهم .- يحدد معجم اللسانيات لا روس 1973 اللغة بكونها القدرة الخاصة بالنوع البشري على التواصل بواسطة نسق من العلامات الصوتية اللسان وهي قدرة تستخدم قدرة جسمانية معقدة وتفرض وظيفة رمزية ومراكز عصبية متخصصة وراثياونستنتج من هذان التحديدان النتائج التالية : 1 الإنسان باللغة واشتراكها بين جميع البشر وذلك من حيث هي وظيفة التعبير الكلامي و الفكرياللغة من حيث هي لسان لا تتحقق إلا في شكل اجتماعية تتخذ شكل نسق من العلامات والرموز الصوتية ، يعد شرطا للكلام الفردي العلامات والرموز الصوتية يعد شرط للكلام الفردي استحالة الكلام خارج المجتمع وبدونه. تتوقف اللغة على نشاط فيزيولوجي عصبي وراثي ( منطقة في الدماغ ) وعلى جهاز صوتي ( خيحرة فم لسان ) وعلى نشاط فكري رمزي ، ولكن اللغة لاتتوقف على الصوت ماداما يمكن أن تكون هناك لغة إشارية إيمائية ورمزية غير كلامية .يتجاى من خلال أي نسق رمزي غير كلامي وما ارتياطها باللغة والصوت إلا أمر عرضي غير أن هذه النتائج تتضمن مفارقات وتقابلات تضفي على اللغة طابعا إشكاليا فهي تبدو فطرية طبيعية \ مكتبة ثقافية مادية \ لا مادية عل فردي إداري حر ( كلام ) \ كيان موضوعي واجتماعي قسري ( لسان ) نتاج للفكر (الوظيفة الرمزية ) \ وسيلة للتعبير عن الفكر وتبليغه ( التواصل ) من هذه التقابلات يتكون الاساس النظري الذي تقوم علية الإشكالية الفلسفية المتعلقة باللغة ونمو فها كالتالي :الإشكالية :الاشكال المركزي في مفهوم اللغة هو العلاقة بين اللغة والفكر .هل للفكر وجود مستقل عن اللغة هي نسيج الفكر وقوامة ؟ وعن هذا الأشكال تتفرع الإشكاليات الفلسفية التالية : اللغة الإنسانية واللغة الحيوانية أي هل اللغة خاصة بالإنسان وما الذي يجعلها كذلك ؟ وكيف تنشأ الدلالة والمعنى في اللغة هل بشكل تلقائي وطبيعي أم بالمواضعة والإتفاق ؟ ما هي طبيعة العلامة والرمز اللسانيان ؟ وما هي علاقتها بالأشياء والفكر؟ وكيف تتؤدي اللغة وظيفة التواصل ؟ وهل تنحصر وظيفتها في التواصل ؟ وهل تؤدي خلال التواصل وظيفة الكشف فقط أم وظيفة الإخفاء أيضا؟
II – اللغة الانسانية واللغة الحيوانية : اللغة خاصية إنسانية
تم الإعتقاد بأن اللغة ظاهرة كلامية – صوتية - تستعمل من أجل التعبير والتواصل . وقد سمح هذا الاعتقاد بالحديث عن وجود لغة لدى الحيوان ، بل وعن مشاركته للانسان في هذه الظاهرة . غيران مقارنة دقيقة . بين لغة الإنسان وكيفية تواصله ، وبين لغة الحيوان وطريقة تعبيره عن حاجياته ، تثبت وجود اختلافات ومميزات لا تدع مجالا للشك في اختصاص الإنسان باللغة وانفراده بها.لقد عقد ديكارت مقارنة بين لغتي الإنسان والحيوان ، فتبين له بأن الإنسان عند استعماله للغة فإنه يجعلها وسيلة للتعبير عن أفكاره . أما الحيوان فإنه يستعمل أصواته للتعبير عن انفعالاته . وإذا كان الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يفكر لأنه يملك ملكة العقل فإن ذلك يدل على أنه الكائن الوحيد الذي يختص باللغة .ينتهي ديكارت إلى أن الفكر من خلال هذه المقارنة شرط انطولوجي للغة فحيثما يوجد الفكر توجد اللغة . ومعلوم أن الفكر لا يوجد إلا عند الإنسان لذلك فاللغة خاصة إنسانية وليست حيوانية . والحقيقة أن ربط اللغة بالفكر حجة غير كافية لجعل اللغة خاصية إنسانية لأنها في نظر بنقنيست تستعمل أيضا للتواصل ، وفي الحالة نجد أن للحيوانات أشكالا للتواصل تبلغ عند بعضها درجة من الدقة ، ولحل هذا الإشكال كان لابد من تجاوز النظرة الفلسفية التأملية التي طبعت موقف ديكارت ، واعتماد دراسات العلمية ، وما يميز هذا النوع من الدراسة هو الوقوف على النتائج التي انتهت إليها الدراسات العملية في مجال التواصل والاستجابات عند الحيوانات .لقد توصل بنفنيست عند تحليلة اللغة الإنسانية ومقارنتها بشكل التواصل لدى النحل إلى أن التوصل الإنساني لا يجعل المعطى الموضوعي ( المادي ) مرجعا وحيدا وممكنا لإنتاج الرسالة ونقلها ، لأن الإنسان يملك قدرة على نقل خطابه من معطى لساني ( لغوي ) حتي وإن لم يعاين موضوع هذا المعطى أو محتواه أما الحيوان فيبقى مشدودا في تواصله بالمعطى الموضوعي . وهكذا استنتج بنفيست أن اللغة الإنسانية تمنح إمكانية تجويد الواقع وقدرة افنسان على إنتاج وإعادة إنتاج وإعادة انتاج الرسالة بفضل حركية الدليل اللساني . ويضيف مارتينية خاصية أخرى تميز اللغة الإنسانية عن اللغة الحيوانية وهي خاصية التمفصل . فما هوا التمفصل ؟ وكيف يحدث في اللغة الإنسانية ؟ التمفصل هو عملية تحليل وتفكيك وتأليف وإعادة تأليف ، ويحدث في اللغة على مستويين
التمفصل الأول : يتم عن طريق حل أورد رسالة أو خطاب ما إلى وحداته المكونة له تسمى " موفيمات " تتميز هذه الوحدات بقدرتها لأن تدخل ضمن سياقات مختلفة من أجل إبلاغ وقائع متعددة ،الأمر الذي يكشف عما يوفره التمفصل من اقتصاد ،فقد يسمح عدد قليل من المور فيمات بإيصال أكثر مما تسمى به أشكال للتواصل الأخرى كالعميات والإشارات ...
التمفصل الثاني : يتم عن طريق حل أورد الوحدات الصوتية للمونميات إلى وحدات صوتية صغري تسمى " فونيمات " وهي وحدات فارغة من المعنى ولا تقبل التمفصل و مع ذلك فهي قابلة للتأليف وإعادة التأليف . وتشكل هذه الوحدات الصوتية الصغرى والبسيطة قاعدة كل لغة فلكل لغة وحدات صوتية متميزة ومحدودة. وعلى الرغم من محدوديتها فإنها تسمع بتأليف عدد لايحصى من المونيمات .
أما برجسون : فيرى أن ضرورات العمل عند الحيوان ليست هي نفسها عند الإنسان ويميز بين لغة الإنسان ولغة الحيوان من خلال تمييزه بين العمل عند الإنسان والعمل عند الحيوان لكون تقسيم العمل عند هذا الأخير تحكمه الغريزة والانفعالات و الاندفاعات والأمر الذي جعل علامات التواصل بين الحيوانات محدودة ومرتبطة مباشرة أبدا بالأشياء التي تدل عليها وهكذا تكون العلامة الحيوانية علامة غريزية وتابتة بينها الإنسان لا يعتمد في عجلة على تركيبه البيولوجي فقط بل تتحدد وظيفته ثقافيا أي اكتسية من المحيط و على مقدراته الفكرية وامكانياته الاجتماعية . إن ارتباط اللغة بالفكر وتمفضلها .... بين بوضوح إلى أي حد يمكن اعتبار اللغة ظاهر إنسانية ينفرد بها غيره تتجلى علاقة اللغة بالفكر في أشكال متعددة ، لكنها تأخذ صيغة خاصة عندما نتساءل عن طبيعة اللغة ، وأصلها وسواء تعلق الأمر بطبيعتها الداخلية أم بعلاقتها بموضوعات العالم الخارجي فإن التساؤل يبقى هو النسق اللساني المنظم . والسؤال المطروح هو هل أصل الكلمات ناتج عن العلاقة الطبيعية بين الأشياء : يتزعم هيرموجين الرأي القائل بأن العلاقة بين الكلمات والأشياء خاضعة للموا ضعة بيتها يرى كراتيل أن ثمة مطابقة طبيعية أصلية بين الكلمات والأشياء وخلص افلاطون إلى موقف المحاكاة إذ أن مهمة اللغة هو محاكاة الأشياء من حيث الماهية أي أن الاسم محاكاة صوتية للشيء المحاكي .إلا أن اللسانيات لم تعد تهتم بطبيعة اللغة الداخلية كنسق إلى الاهتمام بالدلالة والمعنى والرمزية والتواصل : أي كيف تنتج الدلالة والمعنى ؟ وكيف تنشأ العلامة والرمز اللسانيان.
III – العلامة والرمز اللسانيان :
لقد ثبت أن اللغة خاصة إنسانية : وأنها ليست أصوات بقدر ما هي نسق من العلامات والرموز اللسانية يستعملها الإنسان للتعبير عن حاجياته وعن الأشياء المحيطة به الأمر الذي يدل على وجود علاقة بين اللغة والأشياء ، فكيف تتحول الأشياء إلى إعلاميات ورموز لسانية ؟ هل تتحول بشكل وطبيعي أم اعتياطي ؟ وبعبارة أخرى كيف تنشأ الدلالة والمعنى لسانية ؟ هل تتحول بشكل تلقائي وطبيعي ؟ أم بالواضعة والاتفاق .تشكل العلامات و الرموز على اختلاف أنواعها أهمية كبرى في حياة الإنسان وتمكن هذه الأهمية في قدرته على استبدال الأشياء والاستغناء عنها ، وهي القدرة التي تمنحه تحررا من سلطة الأشياء وقيود الواقع ، وتزداد هذه الحرية عندما يتعلق الأمر بالعلامات اللسانية التي جعلها إرنست كاسيرر المجال الحقيقي لانبعاث الوعي البشري وترره من سلكة الأشياء ، فما يميز الإنسان في نظر هذا الأخير ليس هو فكرى كما زعم ديكارت وإنما ما يميز لبيعته هو قدرته على بناء عوالم رمزية تجسد وعيه بوجوده فالإنسان إذن كائن رامز يبدو لنا من خلال هذا الطرح أن العلامة هي الرمز ذاته ما داما بديلين عن الأشياء غير أننا إذا نظرنا إليهما على مستوى طبيعة علاقتهما بالأشياء فإننا سنكشف اتهما يختلفان وفي نحو تام ليبن فارغا بل يحتوي على بقية من الصلة الطبيعية بين الدال والمدلول أي أن الرمز يدخل في علاقة طبيعية مع ما يرمز إليه ولكن لا يشترط لكي يبقى رمزا أن يمثله على نحو كامل أما العلامة فعلا قتها مع ترمز إليه اعتباطية. ويفسر لنا هيجل هدة الصلة الطبيعية بين الرمز والشيء بالمثال التالي : عندما نر من للقوة بالأسد وللمكر بالثعلب فلأن الأسد والثعلب يمتلكان في ذاتيهما الخصائص الطبيعية التي يفترض فيهما أنهما يعبران عن معنى القوة والمكر . وهكذا لانستطيع أن نستبدل مثلا الأسد ( الدال ) بحيوان آخر لأننا لو فعلنا ذلك لتغير المدلول حتما . أما العلامة اللسانية فعلا قتهخا بما تعبر عنه هي علاقة اعتباطية أو تعسفية ، لأننا قد نغير الدال ( المتوالية الصوتية ) ولن يتغير المدلول والسبب في ذلك يعود أساسا إلى اختلاف وتعدد اللغات والألسن.غير أن ينفنيت لا يرى على أن طبيعة الدليل اللساني اعتباطية بل هي ضرورية لأنهما (الدال\ والمدلول) متحدان ومتكاملان ووجهان لمعنى واحد والعلاقة بينهما جوهرية ضرورية وما يكون اعتياطيا في نظرى هو علاقة دليل من الدلائل بعنصر من عناصر الواقع .
IV - اللغة . الفكر والتواصل :
تعتبر اللغة ظاهرة إنسانية ، ينفرد بها الإنسان عن غيره من الكائنات ، وهي بمثابة نسق من العلامات الاعتباطية ، يستعملها الإنسان للتعبير عن حاجياته وأغراضه من جهة كما يستعملها للتعبير عن أفكاره وعن الأشياء المحيطة به من جهة أخرى . الأمر الذي يدل على وجود علاقة بين اللغة والفكر ، فما طبيعة هذه العلاقة ؟ هل تعني أن الفكر يوجد داخل اللغة أم أنه يوجد خارجها ومستقلا عنها ؟ هل تعني تلك العلاقة أن اللغة قادرة عن التعبير عن جميع أفكارنا أم أنها تبقى عاجزة عن فعل ذلك ؟لقد اختلف الفلاسفة والمفكرون في مقاربتهم لعلاقة اللغة بالفكر بحيث أثبت ديكارت وهو يؤكد على اختصاص الإنسان باللغة أن هذه الأخيرة ليست سوى أداة للتعبير عن الفكر .وبحكم على اختصاص الإنسان باللغة أن الفكر يوجد خارج عنها : مختلف في طبيعته . فالفكر عند ديكارت جوهر روحي قائم بناته ، له منطقه الخاص في النمو والتطور ، لا تشكل اللغة بالنسبة إليه سوى أداة تقوم بالتعبير عنه وبتبليغه ، الأمر الذي يدل على أن الأفكار تموت لحظة أن تنجسد في كلمات .غير أن الدراسات اللسانية المعاصرة رفضت مزاعم التصور الأذاتي لأنه مثالي يبقى معه الفكر غامضا يحتاج إلى توضيح . وأن ربط الفكر باللغة يبقى عاملا أساسيا لهذا التوضيح يعتقد أصحاب الدراسات اللسانية أن الفكر ليس له وجود قائم بذاته مستقل بطبيعة ، أنه مجرد نشاط أو فاعلية يقوم بها الذهن ولا تستقيم إلا باللغة ، إن الفكر بدون اللغة يبقى على حد تعبير دي سوسير كتلة تسديمة لا شكل له ولا صورة . الأمر الذي يعني أن اللغة وحدها هي شكله وصورته التي سيوجد عليها ، فاللغة شرط انطولوجي للفكر ، يدرك ذاته من خلالها وينظم وفق قوانينها الداخلية .ينتهي هذا التصور إلى استخلاص النتائج التالية :إن احتواء اللغة للفكر يفيد وجود تطابق بينهما بشكل يجعلها أمام وحدة لا تقبل الإنفسام . فالدال والمدلول وجهان لعملة واحدة .وجود الفكر داخل اللغة ، وخضوعه لقوانينها وتطوره وفق آلياتها يجعله يحتل موقعا سلبيا ، فهو منفعل وليس فاعلا . الأمر الذي يدل على وجود علاقة ميكانيكية بين اللغة والفكر ، إن أهم مكسب حققته االدراسات اللسانية المعاصرة هو تأكيدها على أن الفكر يتشكل لسانيا إلا أن ميرلوبونتي وإن كان قد حافظ على هذا المكسب فإنه يرفض العلاقة الميكانيكية التي أسسها دي سوسير بين اللغة و الفكر . يقول دي سوسير : " .... غير أن هذا الصمت المزعوم هو في الحقيقة ضجيج من الكلمات ، وهذه الحيات الداخلية هي لغة داخلية ، فالفكر والتعبير يتكونان إذن في آن واحد " يتبين من هذا القول أن للفكر عند ميرلوبونتي جدورا أخرى غير اللغة ووضعه هذا لا يعني أنه يتأثر بشرط أو عوامل سياسية واقتصادية ودينية ....... يحمل منها ما يمكنه من التأثير في اللغة ودفعها على ملاحقته . الأمر الذي يعني أن الفكر أصبح طرفا أساسيا في علاقته باللغة ، فهو يؤسسها أو لنقل إنه يتمادل معها مسألة التأسيس ، مما يجعل العلاقة بين الفكر واللغة علاقة حميمية وليست مجرد علاقة ميكانيكية .ولئن تمكن ميرلوبونتي من تحقيق قفزة في مجال علاقة الفكر يتشكل لسانيا لدرجة تطابقة مع اللغة ومعلوم أن هذا الإعتقاد يؤدي إلى استنتاج أن اللغة قادرة على التعبير على جميع أفكارنا وهو استنتاج في نظر يرجسون خاطئ لأني مستنبط من مقدمات خاطئة أيضا ، فالفكر لا يتشكل بطريقة واحدة بل على نوعي حسب برجسون :فكر عقلي : أداته الحدس ، وموضوعه الأشياء والظواهر الطبيعية الهادية القابلة للقياس.فكر حدسي : أداته الحدس ، وموضوعه الظواهر الروحية كالأحاسيس والمشاعر التي تعبير عن الحياة الإنسانية ، وهي ظواهر مجردة غير قابلة للقياس .ومعلوم أن العقل مشدود بالمجال الهادي الجامد ومقيد به ، لذلك تعود أن يضفي على موضوعات هذا المجال الكلمات والألفاظ ، ويفعل هذا التعود نقل نفس الكلمات إلى مجال آخر ليس مجاله وهو الحياة الإنسانية . فمثلا يمكننا أن تضفي كلمة " كيرى " على شيء من الأشياء المادية كالصحراء فتأتي الكلمة مناسبة ومعيرة تعبيرا دقيقا عن تلك الأشياء ، ولكننا إذا أضفين نفس الكلمة على الظواهر المتعلقة بالحياة الإنسانية كالحرية ، فإنها تأتي غير مناسبة وبالتالي غير معبرة عن تلك الظواهر .بهذا الطرح رفض برجسون فكرة التطابق لأن مجال الفكر أوسع من مجال اللغة الشيء الذي يجعل اللغة غير قادرة على التعبير على جميع أفكارنا .اللغة والتواصل :كيف يكون التواصل إجرائيا ؟ ثم هل تكون اللغة أثناء التواصل أداة للكشف أم أداة للإخفاء ؟ نظرية التواصل قديمة في الفكر الفلسفي ، فقد تم الإعتقاد بأن التواصل بتحقق إذا ما توفرت له ثلاثة عناصر وهي : المرسل – الرسالة والمرسل إليه ، إلا أنه مع ظهور الدراسات اللسانية المعاصرة تبين عقم هذا التصور بحيث لوحظ أن هذه العناصر الثلاثة غير كافية لكي يتحقق التواصل ما لم ينضاف إليها عنصر آخر هو السنن أو القدرة على فك رموزها . غير أن أهم ثورة حققتها نظرية التواصل كانت على يد جاكبسون : لأنه كشف عن إجرائية التواصل وعن الوظائف التي نريد تحقيقها أثناء هذه العملية تقدم هذه الخطاطة التالية :نلاحظ من هذه الخطاطات اننا امام تصوربنيوي يجعل اللغة بنية ذات عناصر مترابطة فيما بينها وفق القانون الداخلي – ومن نتائج هدا التصور الغاؤة في خطاطة التواصل العناصر التي لاتنتهي الى البنية اللغوية مثل حركات اليدين وملاع الوجة أثناء الكلام والغاؤة في الخطاطة الثانية للوظائف الخارجة عن اللغة كالوظيفة المادية النفعية الاامر الذي يدل على ان الخطاب لا يناثر بالخلفيات أو العوامل الخارجية الواقعية مما يجعل اللغة شفافة كاشفة وقابلة لجعل التواصل اجرائياإن عيب جاكوسون وغيرة- هو أنهم تصورا اللغة متعاليد عن المجتمع وهو تصصور لن بينما عدنا على فهم الخطاب واستجلاء معناه- لان سيجعل الكلام مجرد مجموع وهو من الكلمات المنتاسقة كل كلمة تتخد معناها ويتم فهمها انطلاقا من سياقها أي من علاقتها بمجموع الكلمات التي ترنبط معها – والحقيقة أن اللغة مؤسسة اجتماعية مثلها مثل باقي طؤسسات الاجتماعية الأخرى تتأثر ببعضها البعض الآمر الذي يجعل اللغة تحمل في كل عنصر تتكون منه المظاهر الثقافية للمجتمع الذي تنتمي الي –وإذا سلمنا بهذا التصور فإننا سننتهي إلى القول بأن اللغة ليست لحكومة بقواعدها فحصب وإننا لا نستطيع استعمال بعض الكلمات في هذا المقام